قصر غمدان..القصة كاملة
الثلاثاء:12 أكتوبر 2010م
فهيم المعقري
وصف الله سبحانه وتعالى مباني وقصور ثمود باليمن بـ" التي لم يخلق مثلها في البلاد" وقد عرفت اليمن منذ القدم ببلد القصور وذلك بتفرد اليمنيين ببناء القصور الفخمة والعالية في الوقت الذي كان الناس في كثير من بقاع العالم يعيشون في الأكواخ والكهوف الصغيرة وبيوت الشعر .
وتأكيداً على عظمة القصور اليمنية وصف هدهد سليمان عليه السلام عرش ملكة سبأ بنفس الوصف الذي يوصف به عرش الرحمن عندما قال " إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم" . آية (23) النمل. حيث يقول تعالى عن عرشه في نفس السورة وبعد آيتين فقط " الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم " (26) سورة النمل.
وكانت القصور التي بنيت في اليمن أول ناطحات سحاب في العالم قبل المباني الحديدية المدعومة بالاسمنت المسلح بستة آلاف عام في أيام سبأ وقبلها أيام نبي الله نوح عليه السلام كما هو حال قصر غمدان التاريخي بصنعاء والذي بناه سام بن نوح " مؤسس صنعاء " والذي يعد أقدم بل أول قصور العالم وأشهرها وأكثرها تميزاً وندرة ..
أما قصة بنائه فقد جاء في كتاب " الإكليل " للمؤرخ المعروف والعالم الموسوعي الحسن بن احمد الهمداني " ان سام بن نوح فكر في السكن في ارض الشمال فأقبل طالعاً من الجنوب يرتاد أطيب البلاد حتى صار إلى الإقليم الأول فوجد اليمن أطيبه مسكناً وارتاد اليمن فوجد حقل صنعاء أطيبها فوضع مقرانه - وهو الخيط الرفيع الذي يقدر به البناء إذا مد بموضع الأساس - في ناحية " فج عضدان وهو غير فج عطان المعروف حالياً في صنعاء كما حققه العلامة الأكوع وإنما يقع في الجنوب الغربي منه " مما يلي جبل عيبان فبنى الركن الذي يوضع عليه الأساس فلما ارتفع الركن بعث الله طائراً اختطف المقرانه وطار بها وسام يتبعه لينظر أين يسقطه فتوجه الطائر إلى جيوب النعيم مرتفع من الأرض ودون الهضبة من سفح جبل نقم فوقع بها فلما اقترب منه طار بها وطرحها على حرة غمدان ـ الحرة بلهجة أهل اليمن هي الأرض المدرجة في المرتفعات ـ فلما استقرت المقرانة على حرة غمدان علم سام انه قد أمر بالبناء هناك فأقام قصر غمدان وحفر بئره المشهورة وراح يبنيه دون حساب لطوله أو عدد أدواره وفي يوم من الأيام راح يتفقده من الأعلى فلما نظر ظله بالغداة قد بلغ سفح جبل عيبان كف عن البناء " وهناك روايات أخرى تقول ان الذي بناه هو سبأ بن يشجب وقيل الضحاك .. وكان سيف بن ذي يزن من اشهر وآخر الملوك الذين سكنوه وقد زاره فيه وفد قريش برئاسة عبد المطلب بن هاشم جد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه سادة قريش أمية بن عبد شمس وأسد بن عبد العزى وعبد الله بن جدعان. ويحكى أنه قد أعيد بناؤه في العهد الحميري على يد عمرو ابن أبي شرح بن يحصب الذي ورد ذكره في النقوش الحميرية القديمة .
ويقال ان من خربه هو عثمان بن عفان .. وذكر في كتاب نشر المحاسن اليمانية ان الذي بناه هو أزال بن قحطان بأمر من أخيه يعرب .
ذكر قصر غمدان في العديد من المراجع التاريخية كأول قصر تاريخي في العالم وكان آخر وصف له ما ذكرته الموسوعة اليمنية الصادرة عن مؤسسة العفيف الثقافية بصنعاء حيث ورد فيها " بالنسبة لارتفاع قصر غمدان التاريخي فهو حسب الحساب البدائي البسيط 40 مترا وذلك لان ارتفاع الطابق الواحد منه عشرة اذرع فيكون القصر في الواقع عشرة طوابق مكون من عشرين سقفاً وكل ذراع يقدر ما بين 50-40 سم فبذلك يكون ارتفاع كل طابق تقريبا 400-500 سم أي ان الحد الأدنى لارتفاع كل طابق 4 أمتار والحد الأدنى لارتفاع القصر كله 40 متراً ومع ذلك فإن بناء القصر من الحجر بارتفاع 40 متراً ليس بالأمر اليسير هندسياً ويمكن ان يفترض المرء ان الطوابق السفلى كانت مبنية من الحجر الصلد القوي. ويبرز كل صف سفلي عما يعلوه بمقدار واحد سنتيمتر ونصف مما يعطي القاعدة قوة تحمل كبيرة ..
يضاف إلى ذلك ما علم من الأخبار أن الطوابق العليا قد شيدت من الرخام وهو بلا ريب أخف من الحجر الصلد .. وكان يتصدر مدخل القصر ساعة مائية ربما تشبه النوع الذي عرف بعد ذلك في المدن الإسلامية المشهورة مثل فاس ومراكش ودمشق وغيرها وكانت تزين فناء القصر حديقة غناء وقنوات جارية وفي جانب من فناء القصر نمت نخلة سامقة تسمى " الدالقة " كما أن الساعة او القطارة المائية ربما تكون أول ساعة مائية اخترعت في العالم وبهذا اثبت اليمنيون أنهم قد تفردوا باختراع الساعة المائية الأولى في العالم .
كما شاهد المؤرخ الهمداني بقايا قصر غمدان فوصفه بقوله " وقد بقي من قصر غمدان القديم قطعة ذات جروب متلاحك عجيب فهي قبالة الباب الأول والثاني من أبواب الجامع الشرقية وباقي غمدان تل عظيم كالجبل " وهو ما يطلق عليه الآن سوق العنب والعُسوب والنحاس وسوق البقر وما حولها الى سوق الملح" وكثير مما حوله من منازل الصنعائيين فمنه بنيت " يقصد من حجر قصر غمدان ".
قال الحافظ أبو بكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي في كتابه (هواتف الجان ) :
حدثنا علي بن حرب حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم حدثنا عمرو بن بكر هو ابن بكار القعنبي - عن أحمد بن القاسم عن محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن عبد الله بن عباس قال : لما انتصر سيف بن ذي يزن على الحبشة وذلك بعد مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين أتته وفود العرب وشعراؤها تهنئه وتمدحه وتذكر ما كان من حسن بلائه وأتاه فيمن أتاه وفود قريش فيهم عبد المطلب بن هاشم وأمية بن عبد شمس أبي عبد الله، وعبد الله بن جدعان وخويلد بن أسد، في أناس من وجوه قريش .
فقدموا عليه صنعاء، فإذا هو في قصر غمدان المشهور فدخل عليه الآذن فأخبره بمكانهم فأذن لهم فدنا عبد المطلب فاستأذنه في الكلام فقال له: إن كنت ممن يتكلم بين يدي الملوك فقد أذنا لك فقال له عبد المطلب: إن الله قد أحلك أيها الملك محلاً رفيعاً صعباً منيعاً شامخاً باذخاً وأنبتك منبتاً طابت أرومته وعذبت جرثومته وثبت أصله وبسق فرعه في أكرم موطن وأطيب معدن فأنت - أبيت اللعن - ملك العرب وربيعها الذي تخصب به البلاد ورأس العرب الذي له تنقاد، وعمودها الذي عليه العماد ومعقلها الذي يلجأ إليه العباد وسلفك خير سلف وأنت لنا منهم خير خلف فلن يخمد من هم سلفه ولن يهلك من أنت خلفه ونحن أيها الملك أهل حرم الله وسدنة بيته أشخصنا إليك الذي أبهجك من كشف الكرب الذي قد فدحنا وفد التهنئة لا وفد المرزئة .
قال له الملك وأيهم أنت أيها المتكلم ؟ قال أنا عبد المطلب بن هاشم . قال ابن أختنا ؟ قال : نعم . قال : ادن فأدناه ثم أقبل عليه وعلى القوم فقال مرحباً وأهلاً وناقة ورحلاً ومستناخاً سهلاً وملكاً ربحلاً يعطي عطاء جزلاً قد سمع الملك مقالتـكم وعرف قرابتكم وقبل وسيلتـكم فأنتم أهل الليل والنهار ولكم الكرامة ما أقمتم والحباء إذا ظعنتـم .
ثم نهضوا إلى دار الكرامة والوفود فأقاموا شهراً لا يصلون إليه ولا يأذن لهم بالانصراف ثم انتبه لهم انتباهة فأرسل إلى عبد المطلب فأدنى مجلسه وأخلاه ثم قال يا عبد المطلب إني مفض إليك من سر علمي ما لو يكون غيرك لم أبح به، ولكني رأيتك معدنه فاطلعتك طليعه فليكن عندك مطوياً حتى يأذن الله فيه، فإن الله بالغ أمره .
إني أجد في الكتاب المكنون والعلم المخزون الذي اخترناه لأنفسنا واجتحناه دون غيرنا خبراً عظيماً وخطراً جسيماً فيه شرف الحياة وفضيلة الوفاة للناس عامة ولرهطك كافة ولك خاصة .
فقال عبد المطلب : أيها الملك مثلك سر وبر فما هو فداؤك أهل الوبر زمراً بعد زمر ؟ قال : إذا ولد بتهامة غلام به علامة بين كتفيه شامة كانت له الإمامة ولكم به الزعامة إلى يوم القيامة .
قال عبدالمطلب : لقد أبت بخير ما آب به وافد ولولا هيبة الملك وإجلاله واعظامه لسألته من بشارته إياي ما ازداد به سروراً .
قال ابن ذي يزن : هذا حينه الذي يولد فيه أو قد ولد واسمه محمد يموت أبوه وأمه ويكفله جده وعمه ولدناه مراراً والله باعثه جهاراً وجاعل له منا أنصاراً يعزبهم أولياه ويذل بهم أعداءه ويضرب بهم الناس عن عرض ويستبيح بهم كرائم أهل الأرض يكسر الأوثان ويخمد النيران يعبد الرحمن ويدحر الشيطان قوله فصل وحكمه عدل يأمر بالمعروف ويفعله وينهى عن المنكر ويبطله .
فقال عبدالمطلب : أيها الملك - عز جدك وعلا كعبك ودام ملكك وطال عمرك - فهذا نجاري فهل الملك سار لي بإفصاح فقد أوضح لي بعض الإيضاح .
فقال ابن ذي يزن : والبيت ذي الحجب والعلامات على النقب إنك يا عبد المطلب لجده غير كذب فخر عبد المطلب ساجداً فقال : ارفع رأسك ثلج صدرك وعلا أمرك فهل أحسست شيئاً مما ذكرت لك ؟
فقال : أيها الملك كان لي ابن وكنت به معجباً وعليه رفيقاً فزوجته كريمة من كرائم قومه آمنة بنت وهب فجاءت بغلام سميته محمداً فمات أبوه وأمه وكفلته أنا وعمه .
قال ابن ذي يزن: إن الذي قلت لك كما قلت فاحتفظ بابنك واحذر عليه اليهود فإنهم له أعداء ولن يجعل الله لهم عليه سبيلاً واطو ما ذكرت لك دون هؤلاء الرهط الذين معك فإني لست آمن أن تدخل لهم النفاسة من أن تكون لكم الرياسة فيطلبون له الغوائل وينصبون له الحبائل فهم فاعلون أو أبناؤهم ولولا أني أعلم أن الموت مجتاحي قبل مبعثه لسرت بخيلي ورجلي حتى أصير بيثرب دار مملكته .
فإني أجد في الكتاب الناطق والعلم السابق أن بيثرب استحكام أمره وأهل نصرته وموضع قبره ولولا أني أقيه الآفات وأحذر عليه العاهات لأعلنت على حداثة سنه أمره، ولأوطأت أسنان العرب عقبه ولكني صارف ذلك إليك عن غير تقصير بمن معك . قال : ثم أمر لكل رجل منهم بعشرة عبيد وعشر إماء وبمائة من الإبل وحلتين من البرود وبخمسة أرطال من الذهب وعشرة أرطال فضة وكرش مملوء عنبراً وأمر لعبد المطلب بعشرة أضعاف ذلك . وقال له : إذا حال الحول فأتني فمات ابن ذي يزن قبل أن يحول الحول فكان عبد المطلب كثيراً ما يقول يا معشر قريش لا يغبطني رجل منكم بجزيل عطاء الملك و إن كثر فإنه إلى نفاد ولكن ليغبطني بما يبقى لي ولعقبي ومن بعدي .. ذكره وفخره وشرفه فإذا قيل له متى ذلك ؟ قال : سيعلم ولو بعد .
قال الدكتور عدنان ترسيس في كتابه " بلاد سبأ وحضارة العرب الأولى " ان قصر غمدان بني من عشرين دوراً وارتفاع الدور عشرين ذراعاً وإذا اعتبرنا طول الذراع الواحد هو 65 سم فيكون ارتفاع كل دور 31 متراً وبالتالي يكون ارتفاع القصر 360 متراً وللمقارنة فإن ارتفاع برج ايفل هو 300 متر ويبدو أن الملك الحميري كان مقيماً في الدور الأعلى او الأدوار العليا وحسب .. ويقوم الخدم والعبيد بالصعود والنزول لتأدية الخدمات وتبليغ الأوامر ونحو ذلك الى الملك نفسه فكان على التقدير يحمل أثناء صعوده إلى طبقات سكنه العليا على مقعد خاص به ومقاعد خاصة بكبار أعوانه.
ونذهب للاعتقاد أن الأدوار الوسطى من قصر غمدان كان يشغلها الموظفون وأهل البلاط الملكي والأدوار السفلى للعسكر والحرس ولابد أن مثل هذا القصر القلعة كان محاطاً بسور خارجي وحدائق خاصة به كما هي العادة في المباني التقليدية في اليمن إلى يومنا هذا.
وروى الدميري في الجزء الأول من نهاية الأرب ان عمر بن الخطاب قال " لا يستقيم أمر العرب ما زال فيهم غمدان" وذلك لفهم بعض الصحابة انه المقصود من قوله تعالى " لا يزال بنيانهم الذي بنو ريبة في قلوبهم" آية 110 سورة التوبة بينما يرى بعض المفسرين وعلى رأسهم الطبري والزمخشري ان المقصود في الآية هو مسجد الضرار (مسجد المنافقين) بالمدينة المنورة وليس قصر غمدان.
وذكر الدكتور عبدالله علي الكميم في كتابه " هذا هو تاريخ اليمن " ان وهب بن منبه قال أصبت على قصر غمدان وهو قصر سيف بن ذي يزن بأرض صنعاء اليمن وكان من الملوك الأجلاء مكتوباً بالقلم المسند فترجم بالعربي " تعني اللغة المتنة هذه! "
وقال الهمداني في كتابه صفة جزيرة العرب " إن محمداً بن خالد القسري رفع رواية إلى وهب بن منبه قال كما بنى غمدان صاحب غمدان وبلغ غرفته العليا أطبق سقفها برخامة واحدة وكان يستلقي على فراشه في الغرفة فيمر بها الطائر فيعرف الغراب من الحدأة من تحت الرخامة. وكان على حروفه أربعة تماثيل أسود من نحاس مجوفه فإذا هبت الريح فدخلت اجوافها سمع لها زئير كزئير الأسد" .
وقال " واخبرني بعض أهل العلم أن غمدان كان على سبعة سقوف بين كل سقفين أربعون ذراعاً " وهذا لا يمكن لأن الأربعين ذراعاً بين كل سقفين كثير جدا " والثابت هو انه عشرون سقفاً بين كل سقفين عشرة اذرع أي مائة ذراع .. وقال المؤرخ ابن شريه: كان للغرفة أربعة أبواب باب الصبأ والدبور والشمال والجنوب. وعند كل باب منها تمثال أسد من النحاس فإذا هبت الريح زأر ذلك التمثال الذي هو قبالة ذلك الباب فإذا تناوحت الأرياح زأرت جميعها. وذكر المؤرخ القزويني " أبو عبد الله بن زكريا بن محمد القزويني " في كتابه آثار البلاد وأخبار العباد " وكان من عجائب صنعاء غمدان الذي بني على أربعة أوجه .. وجه أحمر ووجه أبيض ووجه أصفر ووجه أخضر وبنى في داخله قصر مشيد الاركان فكان ظله إذا طلعت الشمس يرى على ماء بينهما ثلاثة أميال وجعل في أعلاه مجلساً بناه بالرخام الملون وجعل سقفه رخامة واحدة وإذا أسرجت المصابيح فيه ليلاً كان سائر القصر يلمع من ظاهره كما يلمع البرق وفيه قال أمية بن أبي الصلت يمدح سيف بن ذي يزن في قصيدة آخرها .. فاشرب هنيئاً عليك التاج مرتفقاً ..
في رأس غمدان داراً منك محلالا ..
تلك المكارم لا قعبان من لبنٍ ..
شيبا بماء فصارا بعد أبوالا..
وذكر أن التبابعة إذا قعدوا على هذا القصر وأشعلوا شموعهم يرى ذلك على مسيرة أيام وذكر بعض المؤرخين أن قصر غمدان الذي هو بظاهر صنعاء اليمن له غرف شهيرة يسمونها المحاريب وهو محكم البناء عجيب الارتفاع لأنه سبع طبقات وفيه ما لا يوصف من الزخارف والصنائع الغريبة بناه الملك شرحبيل بن عمر بن غالب بن المنتاف بن زيد بن يعفر بن السكسك بن وائل بن حمير وأقام فيه مدة ملكه ثم صار بعد ذلك دار الملك للتبابعة.
ورد في كتاب آثار العباد وأخبار البلاد للقزويني أن عثمان بن عفان لما أمر بهدم غمدان قيل له:
إن الكهنة يقولون هادم غمدان مقتول ! فأمر بإعادته فقالوا له:
لو أنفقت عليه خراج الأرض ما أعدته كما كان فتركه ولما خربه وجد على خشبة من أخشابها مكتوباً اسلم غمدان هادمك مقتول . فهدمه عثمان بن عفان فقتل .
كما تواصل الموسوعة اليمنية قصة بناء قصر غمدان وتهدمه فتقول " ولقد تهدم قصر غمدان بحكم تقادم العهد ومن انهياره انهيار معاقل الحضارة اليمنية القديمة وزوال ممالكها العظيمة والأرجح أن هدمه قد مر بمراحل منها ما أصابه من حريق أيام الغزو الحبشي لليمن (525) للميلاد وهدم جزء منه في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ثم تهاوى ما بقي منه في أيام الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه.
ويقول الهمداني في كتابه الإكليل:
ولم تزل حمير تنزله وتزيد فيه حتى أضرب في أيام عثمان فأكمل ما كان .
مع تحيات فهيم المعقري
الثلاثاء:12 أكتوبر 2010م
فهيم المعقري
وصف الله سبحانه وتعالى مباني وقصور ثمود باليمن بـ" التي لم يخلق مثلها في البلاد" وقد عرفت اليمن منذ القدم ببلد القصور وذلك بتفرد اليمنيين ببناء القصور الفخمة والعالية في الوقت الذي كان الناس في كثير من بقاع العالم يعيشون في الأكواخ والكهوف الصغيرة وبيوت الشعر .
وتأكيداً على عظمة القصور اليمنية وصف هدهد سليمان عليه السلام عرش ملكة سبأ بنفس الوصف الذي يوصف به عرش الرحمن عندما قال " إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم" . آية (23) النمل. حيث يقول تعالى عن عرشه في نفس السورة وبعد آيتين فقط " الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم " (26) سورة النمل.
وكانت القصور التي بنيت في اليمن أول ناطحات سحاب في العالم قبل المباني الحديدية المدعومة بالاسمنت المسلح بستة آلاف عام في أيام سبأ وقبلها أيام نبي الله نوح عليه السلام كما هو حال قصر غمدان التاريخي بصنعاء والذي بناه سام بن نوح " مؤسس صنعاء " والذي يعد أقدم بل أول قصور العالم وأشهرها وأكثرها تميزاً وندرة ..
أما قصة بنائه فقد جاء في كتاب " الإكليل " للمؤرخ المعروف والعالم الموسوعي الحسن بن احمد الهمداني " ان سام بن نوح فكر في السكن في ارض الشمال فأقبل طالعاً من الجنوب يرتاد أطيب البلاد حتى صار إلى الإقليم الأول فوجد اليمن أطيبه مسكناً وارتاد اليمن فوجد حقل صنعاء أطيبها فوضع مقرانه - وهو الخيط الرفيع الذي يقدر به البناء إذا مد بموضع الأساس - في ناحية " فج عضدان وهو غير فج عطان المعروف حالياً في صنعاء كما حققه العلامة الأكوع وإنما يقع في الجنوب الغربي منه " مما يلي جبل عيبان فبنى الركن الذي يوضع عليه الأساس فلما ارتفع الركن بعث الله طائراً اختطف المقرانه وطار بها وسام يتبعه لينظر أين يسقطه فتوجه الطائر إلى جيوب النعيم مرتفع من الأرض ودون الهضبة من سفح جبل نقم فوقع بها فلما اقترب منه طار بها وطرحها على حرة غمدان ـ الحرة بلهجة أهل اليمن هي الأرض المدرجة في المرتفعات ـ فلما استقرت المقرانة على حرة غمدان علم سام انه قد أمر بالبناء هناك فأقام قصر غمدان وحفر بئره المشهورة وراح يبنيه دون حساب لطوله أو عدد أدواره وفي يوم من الأيام راح يتفقده من الأعلى فلما نظر ظله بالغداة قد بلغ سفح جبل عيبان كف عن البناء " وهناك روايات أخرى تقول ان الذي بناه هو سبأ بن يشجب وقيل الضحاك .. وكان سيف بن ذي يزن من اشهر وآخر الملوك الذين سكنوه وقد زاره فيه وفد قريش برئاسة عبد المطلب بن هاشم جد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه سادة قريش أمية بن عبد شمس وأسد بن عبد العزى وعبد الله بن جدعان. ويحكى أنه قد أعيد بناؤه في العهد الحميري على يد عمرو ابن أبي شرح بن يحصب الذي ورد ذكره في النقوش الحميرية القديمة .
ويقال ان من خربه هو عثمان بن عفان .. وذكر في كتاب نشر المحاسن اليمانية ان الذي بناه هو أزال بن قحطان بأمر من أخيه يعرب .
ذكر قصر غمدان في العديد من المراجع التاريخية كأول قصر تاريخي في العالم وكان آخر وصف له ما ذكرته الموسوعة اليمنية الصادرة عن مؤسسة العفيف الثقافية بصنعاء حيث ورد فيها " بالنسبة لارتفاع قصر غمدان التاريخي فهو حسب الحساب البدائي البسيط 40 مترا وذلك لان ارتفاع الطابق الواحد منه عشرة اذرع فيكون القصر في الواقع عشرة طوابق مكون من عشرين سقفاً وكل ذراع يقدر ما بين 50-40 سم فبذلك يكون ارتفاع كل طابق تقريبا 400-500 سم أي ان الحد الأدنى لارتفاع كل طابق 4 أمتار والحد الأدنى لارتفاع القصر كله 40 متراً ومع ذلك فإن بناء القصر من الحجر بارتفاع 40 متراً ليس بالأمر اليسير هندسياً ويمكن ان يفترض المرء ان الطوابق السفلى كانت مبنية من الحجر الصلد القوي. ويبرز كل صف سفلي عما يعلوه بمقدار واحد سنتيمتر ونصف مما يعطي القاعدة قوة تحمل كبيرة ..
يضاف إلى ذلك ما علم من الأخبار أن الطوابق العليا قد شيدت من الرخام وهو بلا ريب أخف من الحجر الصلد .. وكان يتصدر مدخل القصر ساعة مائية ربما تشبه النوع الذي عرف بعد ذلك في المدن الإسلامية المشهورة مثل فاس ومراكش ودمشق وغيرها وكانت تزين فناء القصر حديقة غناء وقنوات جارية وفي جانب من فناء القصر نمت نخلة سامقة تسمى " الدالقة " كما أن الساعة او القطارة المائية ربما تكون أول ساعة مائية اخترعت في العالم وبهذا اثبت اليمنيون أنهم قد تفردوا باختراع الساعة المائية الأولى في العالم .
كما شاهد المؤرخ الهمداني بقايا قصر غمدان فوصفه بقوله " وقد بقي من قصر غمدان القديم قطعة ذات جروب متلاحك عجيب فهي قبالة الباب الأول والثاني من أبواب الجامع الشرقية وباقي غمدان تل عظيم كالجبل " وهو ما يطلق عليه الآن سوق العنب والعُسوب والنحاس وسوق البقر وما حولها الى سوق الملح" وكثير مما حوله من منازل الصنعائيين فمنه بنيت " يقصد من حجر قصر غمدان ".
قال الحافظ أبو بكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي في كتابه (هواتف الجان ) :
حدثنا علي بن حرب حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم حدثنا عمرو بن بكر هو ابن بكار القعنبي - عن أحمد بن القاسم عن محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن عبد الله بن عباس قال : لما انتصر سيف بن ذي يزن على الحبشة وذلك بعد مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين أتته وفود العرب وشعراؤها تهنئه وتمدحه وتذكر ما كان من حسن بلائه وأتاه فيمن أتاه وفود قريش فيهم عبد المطلب بن هاشم وأمية بن عبد شمس أبي عبد الله، وعبد الله بن جدعان وخويلد بن أسد، في أناس من وجوه قريش .
فقدموا عليه صنعاء، فإذا هو في قصر غمدان المشهور فدخل عليه الآذن فأخبره بمكانهم فأذن لهم فدنا عبد المطلب فاستأذنه في الكلام فقال له: إن كنت ممن يتكلم بين يدي الملوك فقد أذنا لك فقال له عبد المطلب: إن الله قد أحلك أيها الملك محلاً رفيعاً صعباً منيعاً شامخاً باذخاً وأنبتك منبتاً طابت أرومته وعذبت جرثومته وثبت أصله وبسق فرعه في أكرم موطن وأطيب معدن فأنت - أبيت اللعن - ملك العرب وربيعها الذي تخصب به البلاد ورأس العرب الذي له تنقاد، وعمودها الذي عليه العماد ومعقلها الذي يلجأ إليه العباد وسلفك خير سلف وأنت لنا منهم خير خلف فلن يخمد من هم سلفه ولن يهلك من أنت خلفه ونحن أيها الملك أهل حرم الله وسدنة بيته أشخصنا إليك الذي أبهجك من كشف الكرب الذي قد فدحنا وفد التهنئة لا وفد المرزئة .
قال له الملك وأيهم أنت أيها المتكلم ؟ قال أنا عبد المطلب بن هاشم . قال ابن أختنا ؟ قال : نعم . قال : ادن فأدناه ثم أقبل عليه وعلى القوم فقال مرحباً وأهلاً وناقة ورحلاً ومستناخاً سهلاً وملكاً ربحلاً يعطي عطاء جزلاً قد سمع الملك مقالتـكم وعرف قرابتكم وقبل وسيلتـكم فأنتم أهل الليل والنهار ولكم الكرامة ما أقمتم والحباء إذا ظعنتـم .
ثم نهضوا إلى دار الكرامة والوفود فأقاموا شهراً لا يصلون إليه ولا يأذن لهم بالانصراف ثم انتبه لهم انتباهة فأرسل إلى عبد المطلب فأدنى مجلسه وأخلاه ثم قال يا عبد المطلب إني مفض إليك من سر علمي ما لو يكون غيرك لم أبح به، ولكني رأيتك معدنه فاطلعتك طليعه فليكن عندك مطوياً حتى يأذن الله فيه، فإن الله بالغ أمره .
إني أجد في الكتاب المكنون والعلم المخزون الذي اخترناه لأنفسنا واجتحناه دون غيرنا خبراً عظيماً وخطراً جسيماً فيه شرف الحياة وفضيلة الوفاة للناس عامة ولرهطك كافة ولك خاصة .
فقال عبد المطلب : أيها الملك مثلك سر وبر فما هو فداؤك أهل الوبر زمراً بعد زمر ؟ قال : إذا ولد بتهامة غلام به علامة بين كتفيه شامة كانت له الإمامة ولكم به الزعامة إلى يوم القيامة .
قال عبدالمطلب : لقد أبت بخير ما آب به وافد ولولا هيبة الملك وإجلاله واعظامه لسألته من بشارته إياي ما ازداد به سروراً .
قال ابن ذي يزن : هذا حينه الذي يولد فيه أو قد ولد واسمه محمد يموت أبوه وأمه ويكفله جده وعمه ولدناه مراراً والله باعثه جهاراً وجاعل له منا أنصاراً يعزبهم أولياه ويذل بهم أعداءه ويضرب بهم الناس عن عرض ويستبيح بهم كرائم أهل الأرض يكسر الأوثان ويخمد النيران يعبد الرحمن ويدحر الشيطان قوله فصل وحكمه عدل يأمر بالمعروف ويفعله وينهى عن المنكر ويبطله .
فقال عبدالمطلب : أيها الملك - عز جدك وعلا كعبك ودام ملكك وطال عمرك - فهذا نجاري فهل الملك سار لي بإفصاح فقد أوضح لي بعض الإيضاح .
فقال ابن ذي يزن : والبيت ذي الحجب والعلامات على النقب إنك يا عبد المطلب لجده غير كذب فخر عبد المطلب ساجداً فقال : ارفع رأسك ثلج صدرك وعلا أمرك فهل أحسست شيئاً مما ذكرت لك ؟
فقال : أيها الملك كان لي ابن وكنت به معجباً وعليه رفيقاً فزوجته كريمة من كرائم قومه آمنة بنت وهب فجاءت بغلام سميته محمداً فمات أبوه وأمه وكفلته أنا وعمه .
قال ابن ذي يزن: إن الذي قلت لك كما قلت فاحتفظ بابنك واحذر عليه اليهود فإنهم له أعداء ولن يجعل الله لهم عليه سبيلاً واطو ما ذكرت لك دون هؤلاء الرهط الذين معك فإني لست آمن أن تدخل لهم النفاسة من أن تكون لكم الرياسة فيطلبون له الغوائل وينصبون له الحبائل فهم فاعلون أو أبناؤهم ولولا أني أعلم أن الموت مجتاحي قبل مبعثه لسرت بخيلي ورجلي حتى أصير بيثرب دار مملكته .
فإني أجد في الكتاب الناطق والعلم السابق أن بيثرب استحكام أمره وأهل نصرته وموضع قبره ولولا أني أقيه الآفات وأحذر عليه العاهات لأعلنت على حداثة سنه أمره، ولأوطأت أسنان العرب عقبه ولكني صارف ذلك إليك عن غير تقصير بمن معك . قال : ثم أمر لكل رجل منهم بعشرة عبيد وعشر إماء وبمائة من الإبل وحلتين من البرود وبخمسة أرطال من الذهب وعشرة أرطال فضة وكرش مملوء عنبراً وأمر لعبد المطلب بعشرة أضعاف ذلك . وقال له : إذا حال الحول فأتني فمات ابن ذي يزن قبل أن يحول الحول فكان عبد المطلب كثيراً ما يقول يا معشر قريش لا يغبطني رجل منكم بجزيل عطاء الملك و إن كثر فإنه إلى نفاد ولكن ليغبطني بما يبقى لي ولعقبي ومن بعدي .. ذكره وفخره وشرفه فإذا قيل له متى ذلك ؟ قال : سيعلم ولو بعد .
قال الدكتور عدنان ترسيس في كتابه " بلاد سبأ وحضارة العرب الأولى " ان قصر غمدان بني من عشرين دوراً وارتفاع الدور عشرين ذراعاً وإذا اعتبرنا طول الذراع الواحد هو 65 سم فيكون ارتفاع كل دور 31 متراً وبالتالي يكون ارتفاع القصر 360 متراً وللمقارنة فإن ارتفاع برج ايفل هو 300 متر ويبدو أن الملك الحميري كان مقيماً في الدور الأعلى او الأدوار العليا وحسب .. ويقوم الخدم والعبيد بالصعود والنزول لتأدية الخدمات وتبليغ الأوامر ونحو ذلك الى الملك نفسه فكان على التقدير يحمل أثناء صعوده إلى طبقات سكنه العليا على مقعد خاص به ومقاعد خاصة بكبار أعوانه.
ونذهب للاعتقاد أن الأدوار الوسطى من قصر غمدان كان يشغلها الموظفون وأهل البلاط الملكي والأدوار السفلى للعسكر والحرس ولابد أن مثل هذا القصر القلعة كان محاطاً بسور خارجي وحدائق خاصة به كما هي العادة في المباني التقليدية في اليمن إلى يومنا هذا.
وروى الدميري في الجزء الأول من نهاية الأرب ان عمر بن الخطاب قال " لا يستقيم أمر العرب ما زال فيهم غمدان" وذلك لفهم بعض الصحابة انه المقصود من قوله تعالى " لا يزال بنيانهم الذي بنو ريبة في قلوبهم" آية 110 سورة التوبة بينما يرى بعض المفسرين وعلى رأسهم الطبري والزمخشري ان المقصود في الآية هو مسجد الضرار (مسجد المنافقين) بالمدينة المنورة وليس قصر غمدان.
وذكر الدكتور عبدالله علي الكميم في كتابه " هذا هو تاريخ اليمن " ان وهب بن منبه قال أصبت على قصر غمدان وهو قصر سيف بن ذي يزن بأرض صنعاء اليمن وكان من الملوك الأجلاء مكتوباً بالقلم المسند فترجم بالعربي " تعني اللغة المتنة هذه! "
وقال الهمداني في كتابه صفة جزيرة العرب " إن محمداً بن خالد القسري رفع رواية إلى وهب بن منبه قال كما بنى غمدان صاحب غمدان وبلغ غرفته العليا أطبق سقفها برخامة واحدة وكان يستلقي على فراشه في الغرفة فيمر بها الطائر فيعرف الغراب من الحدأة من تحت الرخامة. وكان على حروفه أربعة تماثيل أسود من نحاس مجوفه فإذا هبت الريح فدخلت اجوافها سمع لها زئير كزئير الأسد" .
وقال " واخبرني بعض أهل العلم أن غمدان كان على سبعة سقوف بين كل سقفين أربعون ذراعاً " وهذا لا يمكن لأن الأربعين ذراعاً بين كل سقفين كثير جدا " والثابت هو انه عشرون سقفاً بين كل سقفين عشرة اذرع أي مائة ذراع .. وقال المؤرخ ابن شريه: كان للغرفة أربعة أبواب باب الصبأ والدبور والشمال والجنوب. وعند كل باب منها تمثال أسد من النحاس فإذا هبت الريح زأر ذلك التمثال الذي هو قبالة ذلك الباب فإذا تناوحت الأرياح زأرت جميعها. وذكر المؤرخ القزويني " أبو عبد الله بن زكريا بن محمد القزويني " في كتابه آثار البلاد وأخبار العباد " وكان من عجائب صنعاء غمدان الذي بني على أربعة أوجه .. وجه أحمر ووجه أبيض ووجه أصفر ووجه أخضر وبنى في داخله قصر مشيد الاركان فكان ظله إذا طلعت الشمس يرى على ماء بينهما ثلاثة أميال وجعل في أعلاه مجلساً بناه بالرخام الملون وجعل سقفه رخامة واحدة وإذا أسرجت المصابيح فيه ليلاً كان سائر القصر يلمع من ظاهره كما يلمع البرق وفيه قال أمية بن أبي الصلت يمدح سيف بن ذي يزن في قصيدة آخرها .. فاشرب هنيئاً عليك التاج مرتفقاً ..
في رأس غمدان داراً منك محلالا ..
تلك المكارم لا قعبان من لبنٍ ..
شيبا بماء فصارا بعد أبوالا..
وذكر أن التبابعة إذا قعدوا على هذا القصر وأشعلوا شموعهم يرى ذلك على مسيرة أيام وذكر بعض المؤرخين أن قصر غمدان الذي هو بظاهر صنعاء اليمن له غرف شهيرة يسمونها المحاريب وهو محكم البناء عجيب الارتفاع لأنه سبع طبقات وفيه ما لا يوصف من الزخارف والصنائع الغريبة بناه الملك شرحبيل بن عمر بن غالب بن المنتاف بن زيد بن يعفر بن السكسك بن وائل بن حمير وأقام فيه مدة ملكه ثم صار بعد ذلك دار الملك للتبابعة.
ورد في كتاب آثار العباد وأخبار البلاد للقزويني أن عثمان بن عفان لما أمر بهدم غمدان قيل له:
إن الكهنة يقولون هادم غمدان مقتول ! فأمر بإعادته فقالوا له:
لو أنفقت عليه خراج الأرض ما أعدته كما كان فتركه ولما خربه وجد على خشبة من أخشابها مكتوباً اسلم غمدان هادمك مقتول . فهدمه عثمان بن عفان فقتل .
كما تواصل الموسوعة اليمنية قصة بناء قصر غمدان وتهدمه فتقول " ولقد تهدم قصر غمدان بحكم تقادم العهد ومن انهياره انهيار معاقل الحضارة اليمنية القديمة وزوال ممالكها العظيمة والأرجح أن هدمه قد مر بمراحل منها ما أصابه من حريق أيام الغزو الحبشي لليمن (525) للميلاد وهدم جزء منه في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ثم تهاوى ما بقي منه في أيام الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه.
ويقول الهمداني في كتابه الإكليل:
ولم تزل حمير تنزله وتزيد فيه حتى أضرب في أيام عثمان فأكمل ما كان .
مع تحيات فهيم المعقري